سورة البقرة (2). أركان الدعوة - الآية 129 .
صفحة 1 من اصل 1
سورة البقرة (2). أركان الدعوة - الآية 129 .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أيها الإخوة الكرام ؛ أُثِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة أخي عيسى .
فماذا دعا سيدنا إبراهيم ؟ ورد في سورة البقرة في الآية التاسعة والعشرين بعد المئة قوله تعالى :
إنّ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لها أربعة أركان : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك .. أية آيات يا ترى ؟
إذا توهمنا أنها آيات القرآن الكريم ، بعد قليل يقول الله عز وجل: ويعلمهم الكتاب.. لذلك يرجح أن تكون الآيات التي وردت في هذه الآية تشير إلى الآيات الكونية " يتلوا عليهم آياتك " .
وإذا أردنا أن نجمع بين المعنيين فلنا أن نقول : يتلوا عليهم آياتك القرآنية الدالة على الآيات الكونية .
أليس في القرآن آيات كونية قرآنية تتحدث عن الكون ؟ والقصد من ذلك ، أنك من خلال الكون تعرفه ، ويعلمهم الكتاب والحكمة..
الكتاب هو المنهج ، فأنت محتاج إلى شيئين ؛ إلى أن تعرفه أولاً ، وإلى أن تطيعه ثانياً، فبالكون تعرفه ، وبالقرآن تعبده ، فأنت محتاج إلى أن تعرفه و إلى أن تعبده ، فلو أننا أهملنا معرفته لم تصح العبادة .
وأغلب الظن أنّ الإنسان يلجأ إلى أساليب كثيرة يحتال بها على الشرع ، فمن الذي يحتال على الشرع ؟ هو الذي لا يعرف المشرع .
لذلك أية دعوة إلى الله لا تبدأ بالتعريف بالله ، وتسمي بالتعريف من أجله لا تنجح .
والنبي صلى الله عليه وسلم بقي بمكة المكرمة ثلاثة عشر عاماً ، يُعرِّف أصحابه بالله، فلما تَرسَّخ الإيمان في قلوبهم ، وعرفوا الله معرفة صحيحة، وقدروه حق قدره ، عندئذ نزل التشريع وطبَّقوه نصاً وروحاً.
أمّا إذا كانت معرفة المرء بالله قليلة ، فعندئذٍ لو جاءَهُ التشريعُ فإنّه يطبِّقه نصاً لا روحاً.
إنّ كل الحيل الشرعية أساسها ضعف في معرفة الله عز وجل .
فأركان الدعوة إلى الله : وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ؛ الآيات الكونية الدالة على عظمة الله .
إخواننا الكرام ؛ لا بد من مثل موضِّحٍ ، وها أنذا أسوقه :
هناك في أمعاء الإنسان غشاء شفاف ، هذا الغشاء الشفاف اسمه الغشاء البرتوني ، له دورٌ خطيرٌ في الدم ، وفيه عقد بلغمية ونهايات عصبية ، وهو يحمل الأمعاء بشكل مرن ، ولو أنه حملها بشكل غير مرن لاضطرب عملها ، فالأمعاء أساسها أنّ لها حركة ميكانيكية من أجل الهضم ، فلا بد من أن تُحمل.
وفي المركبة هذا العازل حامل الغاز محول ، وهو محول بحلقات مطاطية، يحث يتحرك مع المحرك ، دون أن يُزعج السيارة ، فهذا معلق ، لكنه تعليق حركي .
والأمعاء معلقة في البطن بتعليق حركي ، معلقة بغشاء يسمح لها بالحركة عن علم ، فهذا الغشاء :
أولاً : يحمل الأمعاء حملاً مرناً .
ثانياً : فيه نهايات عصبية .
ثالثاً : فيه عقد بلغمية ، أما هذه العقد البلغمية فشيء لا يصدق ؛ إنها مركز دفاع .. فيه قسم على شكل جنود استطلاع ، وقسم على شكل جنود تصنيع أسلحة ، وقسم آخر على شكل جنود مقاتلين.
فإذا حصل انثقاب بالأمعاء من التهاب حاد فيها ، وخرج من الأمعاء بعض الإنتانات ، فهذه العقد البلغمية في الغشاء البرتوني تنطلق منها جنود لتكشف نوع الجرثوم ، تصنع المصل مرة ثانية ، ترسل هذا السلاح مع جنود مقاتلين ، كل هذا يتم بالتعبير الحديث "التطويق" ، يطوق هذا الجرثوم لئلا ينتشر، ويفشو ضرره في الجسم .
لكن الشيء الغريب ؟ أن هذه الأمعاء ليس فيها أعصاب حس ،فلو فتحنا أمعاء إنسان وسكبنا فيها ماء ساخنًا لم يشعر صاحبُها بشيء ، لا أعصاب حس فيها ، أما إذا انثقبت هذه الأمعاء ، فالنهايات العصبية في الغشاء البرتوني تنقل الألم الشديد للإنسان.
فالنهايات العصبية جهاز إنذار مبكر ، والعقد البلغمية ؟ جيش دفاع .
وفي الوقت نفسه هذا الغشاء يحمل الأمعاء حملاً مرنًا ، حيث إنها تتحرك حركة معوية دون أن يتأثر الحمل .
إذاً : حمل ، وتثبيت مرن ، وجهاز دفاع معقد ، ونهايات عصبية ، وهذا كلُّه تدبيرُ مَنْ؟
الآن دققوا في قوله تعالى : "وسقوا ماء حميما فقطع أمعائهم "
(سورة محمد.الآية.15)
فليس هناك أعصاب حس ، فلو أن هذا الماء قطع الأمعاء فعندئذٍ يبدأ الألم ، وآلام الإنسان لا تبدأ إلا إذا ثُقِبَتْ الأمعاء ، ثم بعدها تتأثر النهايات العصبية .
هل تسمح المعطيات العلمية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التفسير؟..
إذاً هذا كلام خالق الكون ، وهذا معنى : يتلوا عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة.. الكتاب هو القرآن وما فيه ، والحكمة هي السنة .
القرآن الكريم فيه كليات ، والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته القولية والعملية يبيِّن ، والكتاب هو المنهج ، والآيات الكونية هي المعرِّف .
فالآيات الكونية مع المنهج القرآني مع السنة التفصيلية القولية والعملية ثلاثة أركان للدعوة ، وأما الركن الرابع فقال تعالى : ويزكيهم..
فإذا حذفنا مكارم الأخلاق من حياة المؤمن ، فقد حذفنا منه كل شئ ، وبعدها ليس له عند الله شئ ، وإن الإيمان حسن الخلق ، وتصفو نفوس المؤمنين باتصالهم بربهم : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ..
أربعة أركان للدعوة ؛ تلاوة الآيات الكونية كي نعرفه ، ودراسة الآيات القرآنية كي نعبده ، والاتصال بالله عز وجل كي تزكوَ نفوسنا بقربه ، فإذا عرفناه بالكون وأطعناه بالقرآن والسنة واتصلنا به فقد زكت نفوسنا ، وعندئذ نكون قد حققنا المنهج الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وأية دعوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا تتلمس خصائص دعوة النبي صلى الله عليه وسلم دعوة لا تنجح .
فلو علَّمنا الناس الفقه وحده ، ولم نعرفهم بالله عز وجل لن تنجح دعوتنا ، وإذا قدّمنا الأمر على الآمر ، لا ننجح في دعوتنا ، وإذا أهملنا التزكية يصبح الإسلام ثقافة رفيعة، لكن المعاملة سيئة ، فإذا ألغينا التزكية ، ألغينا الإسلام ، وإذا ألغينا المنهج ، ألغينا الإسلام ، وإذا ألغينا تلاوة الآيات ، ألغينا الإسلام .
إنَّ الإسلام كل متكامل ... لابد من آيات تتلى .. كي نعرف الله ، ولابد من منهج يطبق.. كي نتقرب منه، ولابد من نفوس تتزكى .. كي نكون أهلاً لدخول الجنة .. هذا معنى الآية الكريمة :(ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ) .
إخوانا الكرام قد يُعرِض إنسانٌ عن شيخه احتقاراً له ، أما إذا أعرض عن الدين فهو يحتقر نفسه .
فإذا أعطاك أحدٌ جوهرة تُقدَّر بثلاثين ألفًا ، وأعطاك قطعة بللور تقدَّر بليرة ، ثم فكرت .. وفكرت .. وفكرت .. وأخذت قطعة البللور ، فأنت عندئذ لا تفهم شيئًا إطلاقاً .
عُرضت عليك هديتان ؛ قطعة ألماس أصلي ، و قطعة بللور تشبه قطعة الماس ، فحينما تُعرِض عن الألماس الصحيح ، وتقبل هذه القطعة البللورية فأنت حقَّرْتَ نفسك ، إذ برهنت أنك لا تعرف حقائق الأشياء .
فربنا عز وجل يقول : "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه "
فإذا لم يلتفت الإنسان إلى الدين ، ولم يقبل على هذا الدين الحنيف ، وما اتصل بالله عز وجل ، وما قرأ القرآن ، وما تدبر آياته ، وما صدق تعاليم الله عز وجل ، فهذا لا يحتقر الدين ، لكنه يحتقر نفسه ، وهذه الآية :" ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين .
(سورة البقرة .الآية.130)
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : أنا دعوة أخي إبراهيم و بشارة أخي عيسى .
وآخر آية في السياق تريحكم من كل قضية سابقة ، ومن أي خلاف ديني سابق ، ومن أي خلاف بين مذاهب المسلمين ، ومن أي خلاف بين الصحابة الكرام ، ومن أي خلاف بين فرق الإسلام ، فهذا الخلاف كله مغطى بآية واحدة ، وانتهى الأمر ، فقد قال الله تعالى : " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون".
(سورة البقرة.الآية. 134)
وفر وقتك ، واكسب حياتك ، فالهدف واضح ، والمنهج واضح ، فعليك ألاّ تدخل في متاهات قديمة ، وعليك ألاَّ تجترَّ حوادث تاريخية عفا عليها الزمان ، فلا ترجع وتعمل على إحيائها بعد موتها ، فهذه متاهات لا تنفع المسلمين اليوم ، " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون " .
(سورة البقرة.الآية. 134)
فمثلاً شخص في طريقه إلى حلب وهنالك مليون ليرة ليقبضها ، وجرت وراءه مشادَّة ، فليس له مصلحة في أنْ يرجع إلى الوراء ، وليس عليه أنْ يتعرف على صاحب الحق في هذه المشادة ، ليكن من كان ، " تلك أمة قد خلت " .
والآن هناك محاولات استعادة التاريخ القديم ، والدخول في دوامة أنّ الحق مع فلان ، والحق على فلان ، وهذا أحق بالخلافة ، لا بل هذا أحق منه بها ، لقد مضى كلٌّ مِن هذا وذاك .
يا أخي تلك قضية قديمة ، ولدينا الآن هدف واضح ، وعندنا منهج ، فهذه الآية تغطي التاريخ كله ، " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون " .
(سورة البقرة.الآية. 134)
إنَّ كل إنسان له عند الله مكانة ، لمعرفته وإخلاصه وعلمه واستقامته ، فلا يرفعه مدحنا ولا يخفضه ذمنا ، فلا مدحنا ينفعه ، ولا ذمنا يضره بعد أنْ غدا إلى ربه ، وأصبح في ذمته .
إذاً نحن نريح أنفسنا ونريح الآخرين من كل قضية تاريخية سابقة ، فلم تعُد تقدم ولا تؤخر .
تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ..." .
والحمد لله رب العالمين
أيها الإخوة الكرام ؛ أُثِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة أخي عيسى .
فماذا دعا سيدنا إبراهيم ؟ ورد في سورة البقرة في الآية التاسعة والعشرين بعد المئة قوله تعالى :
إنّ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لها أربعة أركان : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك .. أية آيات يا ترى ؟
إذا توهمنا أنها آيات القرآن الكريم ، بعد قليل يقول الله عز وجل: ويعلمهم الكتاب.. لذلك يرجح أن تكون الآيات التي وردت في هذه الآية تشير إلى الآيات الكونية " يتلوا عليهم آياتك " .
وإذا أردنا أن نجمع بين المعنيين فلنا أن نقول : يتلوا عليهم آياتك القرآنية الدالة على الآيات الكونية .
أليس في القرآن آيات كونية قرآنية تتحدث عن الكون ؟ والقصد من ذلك ، أنك من خلال الكون تعرفه ، ويعلمهم الكتاب والحكمة..
الكتاب هو المنهج ، فأنت محتاج إلى شيئين ؛ إلى أن تعرفه أولاً ، وإلى أن تطيعه ثانياً، فبالكون تعرفه ، وبالقرآن تعبده ، فأنت محتاج إلى أن تعرفه و إلى أن تعبده ، فلو أننا أهملنا معرفته لم تصح العبادة .
وأغلب الظن أنّ الإنسان يلجأ إلى أساليب كثيرة يحتال بها على الشرع ، فمن الذي يحتال على الشرع ؟ هو الذي لا يعرف المشرع .
لذلك أية دعوة إلى الله لا تبدأ بالتعريف بالله ، وتسمي بالتعريف من أجله لا تنجح .
والنبي صلى الله عليه وسلم بقي بمكة المكرمة ثلاثة عشر عاماً ، يُعرِّف أصحابه بالله، فلما تَرسَّخ الإيمان في قلوبهم ، وعرفوا الله معرفة صحيحة، وقدروه حق قدره ، عندئذ نزل التشريع وطبَّقوه نصاً وروحاً.
أمّا إذا كانت معرفة المرء بالله قليلة ، فعندئذٍ لو جاءَهُ التشريعُ فإنّه يطبِّقه نصاً لا روحاً.
إنّ كل الحيل الشرعية أساسها ضعف في معرفة الله عز وجل .
فأركان الدعوة إلى الله : وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ؛ الآيات الكونية الدالة على عظمة الله .
إخواننا الكرام ؛ لا بد من مثل موضِّحٍ ، وها أنذا أسوقه :
هناك في أمعاء الإنسان غشاء شفاف ، هذا الغشاء الشفاف اسمه الغشاء البرتوني ، له دورٌ خطيرٌ في الدم ، وفيه عقد بلغمية ونهايات عصبية ، وهو يحمل الأمعاء بشكل مرن ، ولو أنه حملها بشكل غير مرن لاضطرب عملها ، فالأمعاء أساسها أنّ لها حركة ميكانيكية من أجل الهضم ، فلا بد من أن تُحمل.
وفي المركبة هذا العازل حامل الغاز محول ، وهو محول بحلقات مطاطية، يحث يتحرك مع المحرك ، دون أن يُزعج السيارة ، فهذا معلق ، لكنه تعليق حركي .
والأمعاء معلقة في البطن بتعليق حركي ، معلقة بغشاء يسمح لها بالحركة عن علم ، فهذا الغشاء :
أولاً : يحمل الأمعاء حملاً مرناً .
ثانياً : فيه نهايات عصبية .
ثالثاً : فيه عقد بلغمية ، أما هذه العقد البلغمية فشيء لا يصدق ؛ إنها مركز دفاع .. فيه قسم على شكل جنود استطلاع ، وقسم على شكل جنود تصنيع أسلحة ، وقسم آخر على شكل جنود مقاتلين.
فإذا حصل انثقاب بالأمعاء من التهاب حاد فيها ، وخرج من الأمعاء بعض الإنتانات ، فهذه العقد البلغمية في الغشاء البرتوني تنطلق منها جنود لتكشف نوع الجرثوم ، تصنع المصل مرة ثانية ، ترسل هذا السلاح مع جنود مقاتلين ، كل هذا يتم بالتعبير الحديث "التطويق" ، يطوق هذا الجرثوم لئلا ينتشر، ويفشو ضرره في الجسم .
لكن الشيء الغريب ؟ أن هذه الأمعاء ليس فيها أعصاب حس ،فلو فتحنا أمعاء إنسان وسكبنا فيها ماء ساخنًا لم يشعر صاحبُها بشيء ، لا أعصاب حس فيها ، أما إذا انثقبت هذه الأمعاء ، فالنهايات العصبية في الغشاء البرتوني تنقل الألم الشديد للإنسان.
فالنهايات العصبية جهاز إنذار مبكر ، والعقد البلغمية ؟ جيش دفاع .
وفي الوقت نفسه هذا الغشاء يحمل الأمعاء حملاً مرنًا ، حيث إنها تتحرك حركة معوية دون أن يتأثر الحمل .
إذاً : حمل ، وتثبيت مرن ، وجهاز دفاع معقد ، ونهايات عصبية ، وهذا كلُّه تدبيرُ مَنْ؟
الآن دققوا في قوله تعالى : "وسقوا ماء حميما فقطع أمعائهم "
(سورة محمد.الآية.15)
فليس هناك أعصاب حس ، فلو أن هذا الماء قطع الأمعاء فعندئذٍ يبدأ الألم ، وآلام الإنسان لا تبدأ إلا إذا ثُقِبَتْ الأمعاء ، ثم بعدها تتأثر النهايات العصبية .
هل تسمح المعطيات العلمية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التفسير؟..
إذاً هذا كلام خالق الكون ، وهذا معنى : يتلوا عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة.. الكتاب هو القرآن وما فيه ، والحكمة هي السنة .
القرآن الكريم فيه كليات ، والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته القولية والعملية يبيِّن ، والكتاب هو المنهج ، والآيات الكونية هي المعرِّف .
فالآيات الكونية مع المنهج القرآني مع السنة التفصيلية القولية والعملية ثلاثة أركان للدعوة ، وأما الركن الرابع فقال تعالى : ويزكيهم..
فإذا حذفنا مكارم الأخلاق من حياة المؤمن ، فقد حذفنا منه كل شئ ، وبعدها ليس له عند الله شئ ، وإن الإيمان حسن الخلق ، وتصفو نفوس المؤمنين باتصالهم بربهم : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ..
أربعة أركان للدعوة ؛ تلاوة الآيات الكونية كي نعرفه ، ودراسة الآيات القرآنية كي نعبده ، والاتصال بالله عز وجل كي تزكوَ نفوسنا بقربه ، فإذا عرفناه بالكون وأطعناه بالقرآن والسنة واتصلنا به فقد زكت نفوسنا ، وعندئذ نكون قد حققنا المنهج الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وأية دعوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا تتلمس خصائص دعوة النبي صلى الله عليه وسلم دعوة لا تنجح .
فلو علَّمنا الناس الفقه وحده ، ولم نعرفهم بالله عز وجل لن تنجح دعوتنا ، وإذا قدّمنا الأمر على الآمر ، لا ننجح في دعوتنا ، وإذا أهملنا التزكية يصبح الإسلام ثقافة رفيعة، لكن المعاملة سيئة ، فإذا ألغينا التزكية ، ألغينا الإسلام ، وإذا ألغينا المنهج ، ألغينا الإسلام ، وإذا ألغينا تلاوة الآيات ، ألغينا الإسلام .
إنَّ الإسلام كل متكامل ... لابد من آيات تتلى .. كي نعرف الله ، ولابد من منهج يطبق.. كي نتقرب منه، ولابد من نفوس تتزكى .. كي نكون أهلاً لدخول الجنة .. هذا معنى الآية الكريمة :(ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ) .
إخوانا الكرام قد يُعرِض إنسانٌ عن شيخه احتقاراً له ، أما إذا أعرض عن الدين فهو يحتقر نفسه .
فإذا أعطاك أحدٌ جوهرة تُقدَّر بثلاثين ألفًا ، وأعطاك قطعة بللور تقدَّر بليرة ، ثم فكرت .. وفكرت .. وفكرت .. وأخذت قطعة البللور ، فأنت عندئذ لا تفهم شيئًا إطلاقاً .
عُرضت عليك هديتان ؛ قطعة ألماس أصلي ، و قطعة بللور تشبه قطعة الماس ، فحينما تُعرِض عن الألماس الصحيح ، وتقبل هذه القطعة البللورية فأنت حقَّرْتَ نفسك ، إذ برهنت أنك لا تعرف حقائق الأشياء .
فربنا عز وجل يقول : "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه "
فإذا لم يلتفت الإنسان إلى الدين ، ولم يقبل على هذا الدين الحنيف ، وما اتصل بالله عز وجل ، وما قرأ القرآن ، وما تدبر آياته ، وما صدق تعاليم الله عز وجل ، فهذا لا يحتقر الدين ، لكنه يحتقر نفسه ، وهذه الآية :" ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين .
(سورة البقرة .الآية.130)
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : أنا دعوة أخي إبراهيم و بشارة أخي عيسى .
وآخر آية في السياق تريحكم من كل قضية سابقة ، ومن أي خلاف ديني سابق ، ومن أي خلاف بين مذاهب المسلمين ، ومن أي خلاف بين الصحابة الكرام ، ومن أي خلاف بين فرق الإسلام ، فهذا الخلاف كله مغطى بآية واحدة ، وانتهى الأمر ، فقد قال الله تعالى : " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون".
(سورة البقرة.الآية. 134)
وفر وقتك ، واكسب حياتك ، فالهدف واضح ، والمنهج واضح ، فعليك ألاّ تدخل في متاهات قديمة ، وعليك ألاَّ تجترَّ حوادث تاريخية عفا عليها الزمان ، فلا ترجع وتعمل على إحيائها بعد موتها ، فهذه متاهات لا تنفع المسلمين اليوم ، " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون " .
(سورة البقرة.الآية. 134)
فمثلاً شخص في طريقه إلى حلب وهنالك مليون ليرة ليقبضها ، وجرت وراءه مشادَّة ، فليس له مصلحة في أنْ يرجع إلى الوراء ، وليس عليه أنْ يتعرف على صاحب الحق في هذه المشادة ، ليكن من كان ، " تلك أمة قد خلت " .
والآن هناك محاولات استعادة التاريخ القديم ، والدخول في دوامة أنّ الحق مع فلان ، والحق على فلان ، وهذا أحق بالخلافة ، لا بل هذا أحق منه بها ، لقد مضى كلٌّ مِن هذا وذاك .
يا أخي تلك قضية قديمة ، ولدينا الآن هدف واضح ، وعندنا منهج ، فهذه الآية تغطي التاريخ كله ، " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون " .
(سورة البقرة.الآية. 134)
إنَّ كل إنسان له عند الله مكانة ، لمعرفته وإخلاصه وعلمه واستقامته ، فلا يرفعه مدحنا ولا يخفضه ذمنا ، فلا مدحنا ينفعه ، ولا ذمنا يضره بعد أنْ غدا إلى ربه ، وأصبح في ذمته .
إذاً نحن نريح أنفسنا ونريح الآخرين من كل قضية تاريخية سابقة ، فلم تعُد تقدم ولا تؤخر .
تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ..." .
والحمد لله رب العالمين
MODE7- عضو
- عدد المساهمات : 112
نقاط : 337
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/05/2010
مواضيع مماثلة
» سورة البقرة (2). أركان الدعوة - الآية 129
» سورة البقرة (2) . جوهر الدين - الآية 177 - .
» سورة البقرة (2). الحب الإلهي - الآية 165 -
» سورة البقرة (2) . الدعاء مخ العبادة - الآية 186 - .
» سورة البقرة (2) المُلك والتوبة - الآية 284 - .
» سورة البقرة (2) . جوهر الدين - الآية 177 - .
» سورة البقرة (2). الحب الإلهي - الآية 165 -
» سورة البقرة (2) . الدعاء مخ العبادة - الآية 186 - .
» سورة البقرة (2) المُلك والتوبة - الآية 284 - .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى