والاعتدال في تناول الطعام
صفحة 1 من اصل 1
والاعتدال في تناول الطعام
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( سألَ أهلَه الإدامَ ؟ فقالوا : ما عندنا إلا اَلخلُّ ، فدعا به ، فجعل يأكل به ويقول : نِعْمَ الإدامُ الخلُّ ، نِعمَ الإدامُ الخلُّ ، قال جابرُ : فما زلتُ أُحِبُْ الخلَّ منذ سمعتها من نبيِْ الله صلى الله عليه وسلم )) .
[ رواه مسلم عن جابر ] .
حدثني أخ طبيب قال : إن الذي يشكو من إقباله الشديد على الحلويات ، والسكريات ، لو استعمل الخل لصرفت نفسه عن هذه الأنواع من الأطعمة الضارة ، فالخل يقلل شهية الإنسان نحو السكريات والحلويات .
شيء آخر : لو أردت أن تلمع شيئاً استخدم الخل ، الخل مادة مذيبة ، مشكلة المشاكل أن الإنسان عمره من عمر شرايينه ، فكلما تضيقت الشرايين تعب قلبه ، وتضخم ، فالإنسان عمره من عمر شرايينه ، ويبدو أن الخل مذيب ممتاز ، وغير ضار .
فلذلك لعل النبي عليه الصلاة والسلام و هذا من دلائل نبوته ، نبه أن على الإنسان أن يستعمل الخل من حين لآخر ، حتى تخف شهوته نحو المواد السكرية ، وثانياً لعل الخل يذيب ما علق بالأوعية من مواد دسمة وشحوم .
(( نِعمَ الإدامُ الخلُّ ، قال جابرُ : فما زلتُ أُحِبُْ الخلَّ منذ سمعتها من نبيِْ الله صلى الله عليه وسلم )) .
مرة طبيب يقول كلمة : كلْ كلّ شيء باعتدال وابذل جهداً ، ولا تحمل من الهموم ما لا تطيق ، هذه عوامل الصحة ، كلْ كلّ شيء ، كل شيء يغطي شيء بالجسم وباعتدال حسب الآية الكريمة ، وابذل جهداً ، لأن أسباب الأمراض كلها الآن كسل عضلي ، وشدة نفسية ، كل شيء مريح ، لكن لا يوجد راحة نفسية ، كله كبس أزرار ، إذا أراد الإنسان أن يرفع البلور بيده ، سيارته أوتوماتيك ، و كأنه نزلت قيمته إذا بذل هذا الجهد البسيط ، كل شيء مريح ، المصعد ، الغسالات ، الجلايات ، لا يوجد حركة ، يقابلها خوف ، وقلق ، وهم، وحزن ، وهذه أسباب الأمراض كلها .
أجدادنا السلف الصالح حياتهم خشنة ، عندهم جهد عضلي كبير ، يقابل هذا الجهد راحة نفسية ، وهذه أسباب الصحة ، أسباب الصحة جهد عضلي وراحة نفسية ، أسباب المرض كسل عضلات وشدة نفسية .
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة و أم سعد عندها ، فقال :
(( هل من غداء ؟ قَالَتْ عِنْدَنَا خُبْزٌ وَتَمْرٌ وَخَلٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْخَلِّ فَإِنَّهُ كَانَ إِدَامَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي وَلَمْ يَفْتَقِرْ بَيْتٌ فِيهِ خَلٌّ )) .
[أخرجه ابن ماجه عن محمد بن زاذان ] .
فيبدو أن هذه المادة مفيدة جداً ، وأنا والله أستعمله كثيراً ، والإنسان يمكن أن يستعمله مع السلطات ، مع بعض الطعام ، قال : هذه سنة ، ولعل هذه السنة من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، أنا فيما يبدو لي أن الخل مادة مذيبة ، كثير من الناس يبحث عن مادة تذيب الشحوم بالأوعية منها دبس الرمان ، منها الخل ، منها الغريفون ، هذه كلها مواد تذيب الشحوم ، والإنسان عمره من عمر شرايينه ، فكلما ضاقت الشرايين ضاقت الحياة ، وتألم الإنسان ، و احتاج إلى قسطرة ، و إلى عمليات ، وهذا لا نهاية له ، فالوقاية خير من العلاج .
وعن وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده قالوا :
(( يا رسول الله ، إنا نأكل ولا نشبع ؟ قال : لعلَّكم تفترِقُون ؟ قالوا : نعم ، قال : فاْجتَمعِوُا على طعامكم ، واذكروا اسْمَ اللَّه ، يُبَارَكْ لكم فيه )) .
[ أخرجه أبو داود عن وحشي بن حرب [بن وحشي] عن أَبيه عن جده ] .
هذا يحصل في كل أسرة ، يتغدى الزوج لوحده ، مستعجل يأكل وينام ، يتأخر الابن يأكل لوحده ، إذا أكل كل إنسان لوحده فالأكل لا يكفي ، أما إذا اجتمعوا يبارك الله في الطعام ، فمن السنة أن نأكل مجتمعين .
(( فاْجتَمعِوا على طعامكم ، واذكروا اسْمَ اللَّه عز وجل ، يُبَارَكْ لكم فيه )) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( المسلم يأكل في معَيّ واحد ، والكافرُ يأكل في سبعة أمعاء )) .
[ متفق عليه عن أبي هريرة ] .
أي قدر ما أكل لا يشبع ، التفسير ندعه للنبي عليه الصلاة والسلام ، وهناك أحاديث كثيرة منها في رواية للبخاري :
(( أن رجلاً كان يأكل كثيراً ، فأسلم ، فكان يأكل أكلا قليلاً ، فذُكِرَ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن المؤمن يأكل في مِعَي واحد ، وإن الكافر يأكل في سبعة أمعاء )) .
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي ومالك عن أبي هريرة ] .
وفي رواية لمسلم :
(( أضَافَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً كافراً ، فأمَر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ، فَحُلِبَت ، فَشَرِبَ حِلاَبَها ، ثم أخرى فشربه ، ثم أخرى فشربه ، حتى شرب حِلاَبَ سبع شِياه ، ثم إنه أصْبَح فأسلم ، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فشرِب حلابها ، ثم أخرى ، فلم يَسْتَتِمَّه )) .
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي ومالك عن أبي هريرة ] .
فإذا الإنسان سمّى الله بارك الله له ، و إذا دخل الإنسان للبيت ، وما سلم يقول الشيطان لإخوانه الشياطين : أدركتم المبيت ، فإذا أكل ولم يسمِّ يقول لإخوانه : أدركتم العشاء، فإذا دخل ولم يسلم ، وجلس ولم يسمِّ ، يقول لإخوانه : أدركتم المبيت والعشاء .
ومن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً قوله :
(( ما مَلأ آدميّ وعاء شَرّا من بَطْن ، بِحَسْب ابن آدم لُقَيْمَات يُقِمنَ صُلْبَه ، فإن كان لا مَحَالةَ : فَثُلُث لطَعَامِه ، وثُلث لشرابِهِ ، وثُلُث لنَفَسِه )) .
[ رواه الترمذي وحسنه عن المقدام بن معد يكرب ] .
والأطباء من ثلاثين أو أربعين سنة ينصحون الناس بعدم شرب الماء أثناء الطعام، إلا طبيباً واحداً أخذ هذا الحديث وجعله أصلاً في هذا الموضوع ، ما دام النبي قال :
(( َثُلُث لطَعَامِه ، وثُلث لشرابِهِ ، وثُلُث لنَفَسِه )) .
إذاً يصح أن نشرب الماء مع الطعام ، وكان منفرداً في هذا الرأي ، وكل الأطباء يتكلمون العكس ، إلا أنه قبل سنتين بالضبط ظهرت دراسة عميقة جداً مفادها أنه ينبغي أن تكثر من شرب الماء مع الطعام ، لأن الماء مع الطعام يسهل الهضم ، لأن المادة الهاضمة تنحل بالماء ، وتتغلغل في كل أنحاء الطعام ، أنا شبهتها بوضع المسبحة بالخلاط ، فالإنسان إذا وضع الحمص ، ووضع الطحينة والليمون فالخلاط لا يعمل ، يحتاج كأس ماء ، كأس الماء يعين على تغلغل الحمض والطحينة بكل الأطراف ، فيبدو أن هذا الرأي صحيح ، هكذا النبي قال :
(( وثُلث لشرابِهِ )) .
اشرب بالقدر الذي تريد ، والماء مفيد ، ويعين على تغلغل المادة الهاضمة في كل أنحاء المعدة .
(( وثُلُث لنَفَسِه )) .
أي ثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ، إذاً هنا توجيه نبوي .
وهناك توجيه أخذه بعض العلماء من قوله تعالى :
( سورة الواقعة ) .
و من توجيهات النبي الكريم في رمضان ، مثلاً الإنسان عندما يكون جائعاً ، ويأكل مادة سكرية ، سكر الفواكه سهل الهضم ، يصل إلى الدم بأقل من عشر دقائق ، أما إذا أكل الإنسان تمرة أو تمرتين وعيّر الساعة بعد عشر دقائق تكون هذا المواد بالدم فيشعر بالشبع ، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يأكل ثلاث تمرات برمضان ، ويصلي المغرب ، ويجلس إلى الطعام ، طبّق هذه الطريقة أثناء العام بأكمله ، كُلْ شيئاً حلوه طبيعي ، أحياناً نصف تفاحة، عنب مثلاً ، قبل الطعام كُلْ فواكه ، اعكس الآية ، الناس كلها تأكل لتشبع ، يقول لك : أحضر الفواكه ، ليس لها مكان ، أنت عندما أكلت مواد دسمة حتى تهضم تحتاج إلى ساعة أو ساعتين .
لذلك قدر ما أكلت لا تشبع ، كلها مواد دسمة ، أما لو بدأت بالفواكه ، تكون قد أكلت أكلاً طبيعياً ، وعندما تجلس إلى الطعام تأكل من دون جوع .
فيبدو من السنة أن تأكل الفاكهة قبل الطعام ، دخلت إلى البيت كلْ نصف تفاحة ، أو عنب ، أو تمرة .
(( بَيتُ لا تمر فيه جياعُ أهله )) .
[أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن عائشة أم المؤمنين ] .
حاول أن تبدأ بشيء حلوه طبيعي ، سكريات طبيعية ، فواكه ، بعدها كلْ ، تجد أولاً السكر وصل إلى الدم ، المادة السكرية لامست مركز الشبع عند الإنسان ، فيشعر بالشبع، الآن يأكل باعتدال ، أما إذا كان جائعاً ، و بالأكل يوجد الدسم قدر ما يأكل لا يشبع ، يشبع امتلاءً وليس تنبيهاً .
إذاً : عندك شبعان ـ قال : "والله ما شبعت لكنني مللت" ـ هناك شبع سببه امتلاء المعدة ، لم يعد فيها أي مكان ، وهناك شبع أساسه أن مركز الشبع بالإنسان يتنبه ، فإذا أكل الإنسان حبتي تمر ، أو ثلاث تمرات ، يصل سكرها إلى مركز الشبع خلال عشر دقائق فيشعر الإنسان بالشبع ، معدته فارغة بعدها ، لكن السكر سكر الفواكه وصل للدم ، والدم نبه مركز الشبع بالإنسان ، كل أدوية الرجيم غير مستحب استعمالها ، هي مواد تصل لمركز الشبع لم يعد يشعر بالجوع ، فاستعمالها غير صحي ، حبتا تمر ، حبتا عنب ، أي شيء فاكهة بالبيت موجودة ، أو سكرة فرضاً ، أي شيء حلو أكله الإنسان وصل لمركز الشبع فيأكل باعتدال .
وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال :
(( أَكَلْتُ ثَرِيدَ بُرٍّ وَلَحْمٍ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَتَجَشَّأُ ، فَقَالَ : اكْفُفْ عَنَّا أَوِ احْبِسْ عَنَّا مِنْ جُشَائِكَ )) .
[ البيهقي عن أبي جحيفة ] .
فالإنسان عندما يكثر من الطعام تخرج الغازات من فمه ، و هذا سلوك غير حضاري ، غير أخلاقي .
((فَإِنَّ أَكْثَرَكُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُكُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) .
فأحد الصحابة ، أو هذا الإنسان نفسه قال :
(( فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا )) .
انظر الأدب مع رسول الله ، غلط والنبي نبهه ، قال :
((فَمَا أَكَلَ أَبُو جُحَيْفَةَ مِلْءَ بَطْنِهِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا ، وَكَانَ إِذَا تَعَشَّى لَمْ يَتَغَذَّ ، وَإِذَا تَغَذَّى لَمْ يَتَعَشَّ)) .
وفي رواية ثالثة يقول :
(( مَا مَلَأْت بَطْنِي مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً )) .
[ البزار عن أبي جحيفة ] .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْجُوعِ فِي وجُوهِ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : أَبْشِرُوا ، فَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يُغْدَى عَلَى أَحَدِكُمْ بِالْقَصْعَةِ مِنَ الثَّرِيدِ وَيُرَاحُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهَا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ ، قَالَ : بَلْ ، أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ )) .
[ مسند البزار عن عبد الله بن مسعود] .
يعد حين ، الآن أنتم بخير ، لعل الصحة تكون في الاعتدال في الطعام والشراب .
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال :
(( اشْتَرَيْتُ بِدِرْهَمٍ مِنْ الْمَهْزُولِ ، وَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِدِرْهَمٍ سَمْناً ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَتَرَدَّدَ عِيَالِي عَظْماً عَظْماً ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا اجْتَمَعَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ إِلَّا أَكَلَ أَحَدَهُمَا )) .
[ ابن ماجه عن ابن عمر] .
اللحم مادة مفيدة دسمة ، والسمن مادة مفيدة دسمة ، أما لحم وسمن بآن واحد ؟
(( مَا اجْتَمَعَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ إِلَّا أَكَلَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : خُذْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَنْ يَجْتَمِعَا عِنْدِي إِلَّا فَعَلْتُ ذَلِكَ )) .
[ ابن ماجه عن ابن عمر] .
أحياناً أكلات دسمة ، ثلاث أكلات دسمة ، يجب أن تأكل واحدة دسمة فقط .
الحمد لله رب العالمين
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( سألَ أهلَه الإدامَ ؟ فقالوا : ما عندنا إلا اَلخلُّ ، فدعا به ، فجعل يأكل به ويقول : نِعْمَ الإدامُ الخلُّ ، نِعمَ الإدامُ الخلُّ ، قال جابرُ : فما زلتُ أُحِبُْ الخلَّ منذ سمعتها من نبيِْ الله صلى الله عليه وسلم )) .
[ رواه مسلم عن جابر ] .
حدثني أخ طبيب قال : إن الذي يشكو من إقباله الشديد على الحلويات ، والسكريات ، لو استعمل الخل لصرفت نفسه عن هذه الأنواع من الأطعمة الضارة ، فالخل يقلل شهية الإنسان نحو السكريات والحلويات .
شيء آخر : لو أردت أن تلمع شيئاً استخدم الخل ، الخل مادة مذيبة ، مشكلة المشاكل أن الإنسان عمره من عمر شرايينه ، فكلما تضيقت الشرايين تعب قلبه ، وتضخم ، فالإنسان عمره من عمر شرايينه ، ويبدو أن الخل مذيب ممتاز ، وغير ضار .
فلذلك لعل النبي عليه الصلاة والسلام و هذا من دلائل نبوته ، نبه أن على الإنسان أن يستعمل الخل من حين لآخر ، حتى تخف شهوته نحو المواد السكرية ، وثانياً لعل الخل يذيب ما علق بالأوعية من مواد دسمة وشحوم .
(( نِعمَ الإدامُ الخلُّ ، قال جابرُ : فما زلتُ أُحِبُْ الخلَّ منذ سمعتها من نبيِْ الله صلى الله عليه وسلم )) .
مرة طبيب يقول كلمة : كلْ كلّ شيء باعتدال وابذل جهداً ، ولا تحمل من الهموم ما لا تطيق ، هذه عوامل الصحة ، كلْ كلّ شيء ، كل شيء يغطي شيء بالجسم وباعتدال حسب الآية الكريمة ، وابذل جهداً ، لأن أسباب الأمراض كلها الآن كسل عضلي ، وشدة نفسية ، كل شيء مريح ، لكن لا يوجد راحة نفسية ، كله كبس أزرار ، إذا أراد الإنسان أن يرفع البلور بيده ، سيارته أوتوماتيك ، و كأنه نزلت قيمته إذا بذل هذا الجهد البسيط ، كل شيء مريح ، المصعد ، الغسالات ، الجلايات ، لا يوجد حركة ، يقابلها خوف ، وقلق ، وهم، وحزن ، وهذه أسباب الأمراض كلها .
أجدادنا السلف الصالح حياتهم خشنة ، عندهم جهد عضلي كبير ، يقابل هذا الجهد راحة نفسية ، وهذه أسباب الصحة ، أسباب الصحة جهد عضلي وراحة نفسية ، أسباب المرض كسل عضلات وشدة نفسية .
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة و أم سعد عندها ، فقال :
(( هل من غداء ؟ قَالَتْ عِنْدَنَا خُبْزٌ وَتَمْرٌ وَخَلٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْخَلِّ فَإِنَّهُ كَانَ إِدَامَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي وَلَمْ يَفْتَقِرْ بَيْتٌ فِيهِ خَلٌّ )) .
[أخرجه ابن ماجه عن محمد بن زاذان ] .
فيبدو أن هذه المادة مفيدة جداً ، وأنا والله أستعمله كثيراً ، والإنسان يمكن أن يستعمله مع السلطات ، مع بعض الطعام ، قال : هذه سنة ، ولعل هذه السنة من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، أنا فيما يبدو لي أن الخل مادة مذيبة ، كثير من الناس يبحث عن مادة تذيب الشحوم بالأوعية منها دبس الرمان ، منها الخل ، منها الغريفون ، هذه كلها مواد تذيب الشحوم ، والإنسان عمره من عمر شرايينه ، فكلما ضاقت الشرايين ضاقت الحياة ، وتألم الإنسان ، و احتاج إلى قسطرة ، و إلى عمليات ، وهذا لا نهاية له ، فالوقاية خير من العلاج .
وعن وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده قالوا :
(( يا رسول الله ، إنا نأكل ولا نشبع ؟ قال : لعلَّكم تفترِقُون ؟ قالوا : نعم ، قال : فاْجتَمعِوُا على طعامكم ، واذكروا اسْمَ اللَّه ، يُبَارَكْ لكم فيه )) .
[ أخرجه أبو داود عن وحشي بن حرب [بن وحشي] عن أَبيه عن جده ] .
هذا يحصل في كل أسرة ، يتغدى الزوج لوحده ، مستعجل يأكل وينام ، يتأخر الابن يأكل لوحده ، إذا أكل كل إنسان لوحده فالأكل لا يكفي ، أما إذا اجتمعوا يبارك الله في الطعام ، فمن السنة أن نأكل مجتمعين .
(( فاْجتَمعِوا على طعامكم ، واذكروا اسْمَ اللَّه عز وجل ، يُبَارَكْ لكم فيه )) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( المسلم يأكل في معَيّ واحد ، والكافرُ يأكل في سبعة أمعاء )) .
[ متفق عليه عن أبي هريرة ] .
أي قدر ما أكل لا يشبع ، التفسير ندعه للنبي عليه الصلاة والسلام ، وهناك أحاديث كثيرة منها في رواية للبخاري :
(( أن رجلاً كان يأكل كثيراً ، فأسلم ، فكان يأكل أكلا قليلاً ، فذُكِرَ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن المؤمن يأكل في مِعَي واحد ، وإن الكافر يأكل في سبعة أمعاء )) .
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي ومالك عن أبي هريرة ] .
وفي رواية لمسلم :
(( أضَافَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً كافراً ، فأمَر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ، فَحُلِبَت ، فَشَرِبَ حِلاَبَها ، ثم أخرى فشربه ، ثم أخرى فشربه ، حتى شرب حِلاَبَ سبع شِياه ، ثم إنه أصْبَح فأسلم ، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فشرِب حلابها ، ثم أخرى ، فلم يَسْتَتِمَّه )) .
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي ومالك عن أبي هريرة ] .
فإذا الإنسان سمّى الله بارك الله له ، و إذا دخل الإنسان للبيت ، وما سلم يقول الشيطان لإخوانه الشياطين : أدركتم المبيت ، فإذا أكل ولم يسمِّ يقول لإخوانه : أدركتم العشاء، فإذا دخل ولم يسلم ، وجلس ولم يسمِّ ، يقول لإخوانه : أدركتم المبيت والعشاء .
ومن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً قوله :
(( ما مَلأ آدميّ وعاء شَرّا من بَطْن ، بِحَسْب ابن آدم لُقَيْمَات يُقِمنَ صُلْبَه ، فإن كان لا مَحَالةَ : فَثُلُث لطَعَامِه ، وثُلث لشرابِهِ ، وثُلُث لنَفَسِه )) .
[ رواه الترمذي وحسنه عن المقدام بن معد يكرب ] .
والأطباء من ثلاثين أو أربعين سنة ينصحون الناس بعدم شرب الماء أثناء الطعام، إلا طبيباً واحداً أخذ هذا الحديث وجعله أصلاً في هذا الموضوع ، ما دام النبي قال :
(( َثُلُث لطَعَامِه ، وثُلث لشرابِهِ ، وثُلُث لنَفَسِه )) .
إذاً يصح أن نشرب الماء مع الطعام ، وكان منفرداً في هذا الرأي ، وكل الأطباء يتكلمون العكس ، إلا أنه قبل سنتين بالضبط ظهرت دراسة عميقة جداً مفادها أنه ينبغي أن تكثر من شرب الماء مع الطعام ، لأن الماء مع الطعام يسهل الهضم ، لأن المادة الهاضمة تنحل بالماء ، وتتغلغل في كل أنحاء الطعام ، أنا شبهتها بوضع المسبحة بالخلاط ، فالإنسان إذا وضع الحمص ، ووضع الطحينة والليمون فالخلاط لا يعمل ، يحتاج كأس ماء ، كأس الماء يعين على تغلغل الحمض والطحينة بكل الأطراف ، فيبدو أن هذا الرأي صحيح ، هكذا النبي قال :
(( وثُلث لشرابِهِ )) .
اشرب بالقدر الذي تريد ، والماء مفيد ، ويعين على تغلغل المادة الهاضمة في كل أنحاء المعدة .
(( وثُلُث لنَفَسِه )) .
أي ثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ، إذاً هنا توجيه نبوي .
وهناك توجيه أخذه بعض العلماء من قوله تعالى :
( سورة الواقعة ) .
و من توجيهات النبي الكريم في رمضان ، مثلاً الإنسان عندما يكون جائعاً ، ويأكل مادة سكرية ، سكر الفواكه سهل الهضم ، يصل إلى الدم بأقل من عشر دقائق ، أما إذا أكل الإنسان تمرة أو تمرتين وعيّر الساعة بعد عشر دقائق تكون هذا المواد بالدم فيشعر بالشبع ، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يأكل ثلاث تمرات برمضان ، ويصلي المغرب ، ويجلس إلى الطعام ، طبّق هذه الطريقة أثناء العام بأكمله ، كُلْ شيئاً حلوه طبيعي ، أحياناً نصف تفاحة، عنب مثلاً ، قبل الطعام كُلْ فواكه ، اعكس الآية ، الناس كلها تأكل لتشبع ، يقول لك : أحضر الفواكه ، ليس لها مكان ، أنت عندما أكلت مواد دسمة حتى تهضم تحتاج إلى ساعة أو ساعتين .
لذلك قدر ما أكلت لا تشبع ، كلها مواد دسمة ، أما لو بدأت بالفواكه ، تكون قد أكلت أكلاً طبيعياً ، وعندما تجلس إلى الطعام تأكل من دون جوع .
فيبدو من السنة أن تأكل الفاكهة قبل الطعام ، دخلت إلى البيت كلْ نصف تفاحة ، أو عنب ، أو تمرة .
(( بَيتُ لا تمر فيه جياعُ أهله )) .
[أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن عائشة أم المؤمنين ] .
حاول أن تبدأ بشيء حلوه طبيعي ، سكريات طبيعية ، فواكه ، بعدها كلْ ، تجد أولاً السكر وصل إلى الدم ، المادة السكرية لامست مركز الشبع عند الإنسان ، فيشعر بالشبع، الآن يأكل باعتدال ، أما إذا كان جائعاً ، و بالأكل يوجد الدسم قدر ما يأكل لا يشبع ، يشبع امتلاءً وليس تنبيهاً .
إذاً : عندك شبعان ـ قال : "والله ما شبعت لكنني مللت" ـ هناك شبع سببه امتلاء المعدة ، لم يعد فيها أي مكان ، وهناك شبع أساسه أن مركز الشبع بالإنسان يتنبه ، فإذا أكل الإنسان حبتي تمر ، أو ثلاث تمرات ، يصل سكرها إلى مركز الشبع خلال عشر دقائق فيشعر الإنسان بالشبع ، معدته فارغة بعدها ، لكن السكر سكر الفواكه وصل للدم ، والدم نبه مركز الشبع بالإنسان ، كل أدوية الرجيم غير مستحب استعمالها ، هي مواد تصل لمركز الشبع لم يعد يشعر بالجوع ، فاستعمالها غير صحي ، حبتا تمر ، حبتا عنب ، أي شيء فاكهة بالبيت موجودة ، أو سكرة فرضاً ، أي شيء حلو أكله الإنسان وصل لمركز الشبع فيأكل باعتدال .
وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال :
(( أَكَلْتُ ثَرِيدَ بُرٍّ وَلَحْمٍ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَتَجَشَّأُ ، فَقَالَ : اكْفُفْ عَنَّا أَوِ احْبِسْ عَنَّا مِنْ جُشَائِكَ )) .
[ البيهقي عن أبي جحيفة ] .
فالإنسان عندما يكثر من الطعام تخرج الغازات من فمه ، و هذا سلوك غير حضاري ، غير أخلاقي .
((فَإِنَّ أَكْثَرَكُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُكُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) .
فأحد الصحابة ، أو هذا الإنسان نفسه قال :
(( فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا )) .
انظر الأدب مع رسول الله ، غلط والنبي نبهه ، قال :
((فَمَا أَكَلَ أَبُو جُحَيْفَةَ مِلْءَ بَطْنِهِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا ، وَكَانَ إِذَا تَعَشَّى لَمْ يَتَغَذَّ ، وَإِذَا تَغَذَّى لَمْ يَتَعَشَّ)) .
وفي رواية ثالثة يقول :
(( مَا مَلَأْت بَطْنِي مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً )) .
[ البزار عن أبي جحيفة ] .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْجُوعِ فِي وجُوهِ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : أَبْشِرُوا ، فَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يُغْدَى عَلَى أَحَدِكُمْ بِالْقَصْعَةِ مِنَ الثَّرِيدِ وَيُرَاحُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهَا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ ، قَالَ : بَلْ ، أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ )) .
[ مسند البزار عن عبد الله بن مسعود] .
يعد حين ، الآن أنتم بخير ، لعل الصحة تكون في الاعتدال في الطعام والشراب .
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال :
(( اشْتَرَيْتُ بِدِرْهَمٍ مِنْ الْمَهْزُولِ ، وَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِدِرْهَمٍ سَمْناً ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَتَرَدَّدَ عِيَالِي عَظْماً عَظْماً ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا اجْتَمَعَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ إِلَّا أَكَلَ أَحَدَهُمَا )) .
[ ابن ماجه عن ابن عمر] .
اللحم مادة مفيدة دسمة ، والسمن مادة مفيدة دسمة ، أما لحم وسمن بآن واحد ؟
(( مَا اجْتَمَعَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ إِلَّا أَكَلَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : خُذْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَنْ يَجْتَمِعَا عِنْدِي إِلَّا فَعَلْتُ ذَلِكَ )) .
[ ابن ماجه عن ابن عمر] .
أحياناً أكلات دسمة ، ثلاث أكلات دسمة ، يجب أن تأكل واحدة دسمة فقط .
الحمد لله رب العالمين
about ... me- رئيس المنتدى
- عدد المساهمات : 123
نقاط : 1006855
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
العمر : 34
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى