لا زيادة على رسوم الدخان

الحسن: لا أعلم لماذا يعمد التجار إلى تخزين التبغ
انتظرت وزيرة المال، ريّا الحسن، تفاقم أزمة فلتان أسعار الدخان وانقطاعه من السوق لأكثر من 15 يوماً، قبل أن ترد على الشائعات، وتعلن عدم وجود أي نيّة لزيادة الرسوم على الدخان، إذ أشارت أمس، خلال جولة قامت بها على الدوائر العقارية، إلى أن مشروع موازنة 2010 «لا يتضمن أي زيادة على رسوم التبغ»، جازمة بأنها لا تعلم «لماذا يعمد التجار إلى تخزين التبغ»، وأن هذا الأمر «غير مقبول ولا داعٍ له».
كلام الحسن سيكون له وقع كبير على السوق، فالتجار الذين عملوا على تخزين الدخان منذ فترة طويلة سيضطرون إلى تصريف منتجاتهم بأقصى سرعة ممكنة لأن هذه السلعة لا تحتمل التخزين طويلاً وهي معرّضة للتلف، فيما ارتفاع الأسعار لم يعد وارداً بحسب الحسن، وبالتالي لا ضرورة للتخزين. وسيؤدي هذا الأمر إلى تراجع الأسعار سريعاً، إلى أسعارها الرسمية، لكنه لا يعالج أساس المشكلة التي نجمت عن «تسريبة» بسيطة سببت كل هذه الأزمة وسدّد المستهلكون كلفتها، وأظهرت مدى بشاعة احتكار التجار وقدرتهم على التلاعب بالسوق، في مقابل عجز الـ«ريجي» ووزارتي المال والاقتصاد، عن ضبط المخالفين والمحتكرين.
إذاً، لم تزد الأسعار، وليس هناك أي «نوايا» مخبأة. فلماذا ارتفع السعر؟ ومن يحاسب التجار على الزيادة بمبادرة فردية؟ وهل انتهت الأزمة، أم بدأت؟
يقول رئيس مجلس إدارة الـ«ريجي» ومديرها العام، ناصيف سقلاوي، لـ«الأخبار»، إن الإدارة عملت منذ فترة على معالجة المشكلة، وقامت بسلسلة من الإجراءات، فقد راسلت وزارة المال وطلبت منها «حسم موضوع أسعار الدخان باتجاه الزيادة أو عدمها»، وزادت كمية الحصص المخصّصة لكل رئيس بيع من 40 صندوقاً إلى 50 صندوقاً يومياً، وأصدرت مذكرة لكل رؤساء البيع تحذّرهم من أخذ بضاعة وعدم بيعها، وأجرت اتصالات مع المعنيين... إلى أن قامت أخيراً بدوريات مراقبة على رؤساء البيع ووضعت محاسبين في مخازن بيع رؤساء البيع الأساسيين (كبار المحتكرين)، لتأمين ضخ كميات من صناديق الدخان إلى الأسواق. ويشير سقلاوي إلى أن الإدارة وضعت علامات استفهام على بعض رؤساء البيع وجمّدت تموين حصص بعضهم لفترة 3 أيام بعد تلقّيها معلومات عن أنهم لا يصرّفون البضاعة المخزنة لديهم... «فتمّ تجميد 40 رخصة».
لكن الأمر لم ينته بعد. فما لم يقله سقلاوي، كشفه مسؤولون في الـ«ريجي» رفضوا ذكر أسمائهم. فإدارة الحصر لديها القدرة على رؤية ومتابعة كل تفاصيل السوق يومياً لكونها تحتكر استيراد هذه السلعة وبيعها، وهي المعنية بتوزيع الحصص، فالأزمة لم تبدأ منذ 15 يوماً، بل منذ أشهر، فيما ضخّ المزيد من الكميات في السوق يحقّق للمحتكرين غايتهم في تخزين كميات أكبر من البضائع ويستفيدون من بيعها بأسعار مرتفعة، وإن تخزين الكميات لم يكن ليتم لولا «إشارة» تلقاها الطفل المدلل لدى الإدارة وشركات الدخان، رئيس البيع «ا. ل.» المعروف أنه الأكبر حجماً وقدرة تخزينية بين رؤساء البيع، كما أنها ليست المرّة الأولى التي تحصل فيها هذه الظاهرة ـــــ الكارثة.
فالمتابعون لسوق الدخان يشيرون إلى أن حجم استهلاك السوق في الأوقات العادية معروف، وبالتالي يسهل على الـ«ريجي» معرفة حجم الطلب الإضافي، واتخاذ قرار بشأنه. فقد تبيّن لمحاسبي الـ«ريجي» أن رؤساء البيع يبيعون الدخان بأسعار أعلى من السعر الرسمي، لكنها جمّدت فعلياً رخص بيع يستحوذ عليها «ا. ل.» لمدة 3 أيام فقط، ويتوقّع تجميد رخص يستحوذ عليها «م. ب.» لفترة مماثلة. فهل هذا هو العقاب المناسب للمخالفين؟ وهل سيتم تسليم الوثائق إلى مديرية المستهلك في وزارة الاقتصاد لتنظيم «محاضر احتكار» بحقهم؟ وما هي التدابير التي ستقترحها إدارة الحصر على وزارة المال للحدّ من الاحتكارات والتلاعب بالأسعار؟