أهمية المسؤولية
صفحة 1 من اصل 1
أهمية المسؤولية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ ، فالإمامُ رَاعٍ ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ والرجلُ رَاعٍ في أهله ، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها ، والخادم في مال سيده راع ، وهو مسؤول عن رَعِيَّتِهِ )) .
[ متفق عليه عن ابن عمر] .
أيها الأخوة ، كلما نما الإيمان في القلب نما معه الشعور بالمسؤولية .
سيدنا عمر يقول : " والله لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها لِمَ لمْ تصلح لها الطريق يا عمر ؟".
فالمسؤولية ، أو الشعور بالمسؤولية أن الله سيسأله يتنامى مع الإيمان ، فكلما ضعف الإيمان ضعف مع ضعف الإيمان الشعور بالمسؤولية ، وكلما نما الإيمان بالقلب نما معه الشعور بالمسؤولية ، تبدأ من الأب ، الأب مسؤول عن أولاده ، الأبوة مسؤولية ، لو أن أباً ميسور الحال ، امتنع عن تزويج ابنه ، وسقط الابن في فاحشة الزنا ، فالأب مسؤول عنه، لو أن أباً أنجب بنتاً ، ولم يعرفها بربها ، ولم يحملها على طاعة ربها ، أهمل شأنها فتفلتت ، كل انحرافاتها في صحيفة أبيها ، وعلى هذا فقس .
( سورة يس ) .
أثر أي عمل إهمال في الصنعة ، نتج عنه حادث ، إنسان ركّب شيئاً على السطح ولم يحكم تركيبه ، وقع في أيام الرياح فقتل طفلين بتن وصبي ، مسؤول عن هذا العمل .
فالإنسان إذا عرف الله عز وجل ، وعرف أن الله سيحاسب استقام في حياته ، أنت في دار ابتلاء ، أنت في دار امتحان ، أنت مكلف ، الكون بأكمله مسخر لك ، مُنحت العقل ، مُنحت التشريع ، مُنحت الفطرة ، مُنحت الآيات الدالة ، فالآيات ، والعقل ، والفطرة ، والكون المسخر ، هذا كله من أجل أن تشعر بالمسؤولية ، فالأب مسؤول ، طبيب أهمل مسؤول ، مهندس أهمل البناء سقط مسؤول .
الإنسان إذا نما إيمانه ينمو مع إيمانه الشعور بالمسؤولية ، لا يوجد إنسان ليس له ولاية على أحد ، هل هناك أقل من خادم ؟ هذا الخادم أمين على مال سيده ، هل هنلك أقل من زوجة في البيت ؟ هي راعية لبيت زوجها وأولادها ، مسؤولة عن سلامة هذا البيت ، عن تربية الأولاد .
فالتفلت أساسه ضعف الإيمان .
الإنسان من طبعه الهروب من المسؤولية ، والآن أكثر الناس يلقون بأخطائهم على غيرهم ، يحاول أن يلقي خطأه على غيره ، وبعض المتدينين يلقي هذا على القضاء والقدر ، كل أخطائه و يقول : الله يريد هذا ، هذا ترتيب سيدك ، أخطاؤه ، ونتائج أخطائه الوبيلة يرميها على الله عز وجل ، ويتوهم أنه نجا ، لا لم ينجُ ، الإنسان مسؤول ، وكلمة مسؤول أحياناً الإنسان يترنم فيها ، أنا مسؤول كبير ، لو عرف معناها لوقع مغشياً عليه .
أنا معلم أحاسب عن صفي ، عن ثلاثين طالباً ، أما مدير المدرسة يحاسب عن سبع و عشرين شعبة ، فيجب أن تكون إدارته حازمة ، يتفقد شؤونه تماماً ، يرعى المدرسين، يتفقد أحوالهم ويتابعهم ، ويتابع الطلاب ، وغياب الطلاب ، أحياناً الطالب يغيب أسبوعين ، ينحرف أخلاقياً ، وعند أهله هو بالمدرسة ، إن لم يكن هناك متابعة مع الأهل المدير مسؤول، لأنه مدير هو محاسب عن سبع و عشرين شعبة .
أما مدير منطقة محاسب عن محافظة بأكملها ، أما وزير التربية محاسب عن التربية بالقطر في كل البلد .
كلما ارتفع مقامك اتسعت دائرة مسؤوليتك ، فالأب مسؤول عن كل أولاده ، أما الابن مسؤول فقط عما استُعمل ، كلفه بعمل ، يحاسب عليه .
لذلك سيدنا عمر بن عبد العزيز ، دخلت عليه زوجته ، رأته يبكي في مصلاه قالت له : مالك تبكي ؟ قال : دعيني وشأني ، قالت له : ما لك تبكي ؟ قال : دعيني وشأني ، في المرة الثالث ، قال : نظرت إلى الفقير البائس ، واليتيم ، والرجل المسكين ، والكبير ، وذي العيال الكثيرة ، وابن السبيل ، ذكر أكثر من عشرين صنفاً ، فعلمت أن الله سيحاسبني عنهم جميعاً ، وأن خصمي دونهم رسول الله ، فلهذا أبكي .
إذاً كلما تنامى الإيمان ، كلام سيدنا عمر ليس للتسلية ، يقول : " لو تعثرت بغلة في العراق ـ هو في المدينة ، أما العراق تحت ملكه ، ليس إنساناً بقي بلا طعام ، ليس إنساناً مظلوماً ، لا ـ لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها ، لِمَ لمْ تصلح لها الطريق يا عمر ؟" .
اجعل هذه المقولة مقياساً ، واعلم أن الله سيسأل كل راع عما استرعاه ، معلم ما درس ، طبيب ما اهتم ، كم إنسان يموت بالمستشفيات بقسم الإسعاف من تأخر الطبيب ؟ يمكن أن يسعفه ، يمكن أن يعطيه صدمة كهربائية ويعيش ، يقول لك : هذا انتهى أجله ، انظر ، الإيمان بالقضاء والقدر لا يلغي المسؤولية ، والدليل :
( سورة النور الآية :11 ) .
إذاً معنى الإفك خير .
( سورة النور ) .
الشيء حينما يقع هذا قضاء وقدر ، ولكل واقع حكمة ، أما أن يكون لكل واقع حكمة لا يعفي الذي سببه من المحاسبة ، طبيب أهمل المريض فمات ، هذا لا يعفيه من المسؤولية ، انتهى أجله ، هذا أجله ليس له علاقة ، لكن كان من الممكن أن يعيش لو أسعفه .
فالإنسان إذا فكر ، أحياناً مهندس لا يحضر صب السقف ، العمال جهلة ، يمشون العجلات على الحديد ، يأخذ موقعاً آخر غير موقعه ، يكون موقعه بالأعلى فيصبح بالأسفل ، فتختلف وظيفته ، عندك حديد للشد ، وحديد للحمل ، اختلفت وظيفته ، وقعت الشرف ، ذهب ضحيتها خمس فتيات ، مسؤول ، بناء سقط ، مريض مات ، طفل انحرق ، كثير من الحالات سببها عدم الشعور بالمسؤولية .
بدءاً من البيت ، أب مهمل ، أم مهملة ، حتى في الأمور المادية ، أي صناعة غير متقنة أحياناً تسبب الموت ، أحياناً يكون هناك أسطوانات غاز غير متقنة ، هناك إهمال أثناء التعبئة ، لا يوجد إتقان في العمل فيتسرب الغاز فيُحدث انفجاراً ، تمديد الكهرباء فيه مسؤولية أيضاً ، مثلاً هناك وصلة داخلية ضمن التيب غير متقنة ، يحدث احتكاك فيعمل حريقاً ، إذا عليك أن تحاسب نفسك أن كل شيء تفعله تحاسب عليه ، هذا الحديث شامل ، حديث واسع جداً ، أنت لك هوية ، ولك موقع ، هويتك طالب ، محاسب ، هويتك أب ، الهوية أم ، الهوية معلم ، الهوية تاجر ، الهوية يعمل في خدمات معينة ، مثلاً القصة وقعت في الشام: إنسان شكّ بسلوك ابنته ، توهم أنها حاملة من الزنا ، لا يوجد عنده حل إلا أن يعمل لها تحليلاً ، فذهب إلى المخبر لإجراء تحليل لها ، و في المخبر وقعت الزجاجة من يد موظف العينة وانكسرت ، خاف من معلمه ، فكتب : النتيجة إيجابية ، أي يوجد حمل ، جاء الأب ثاني يوم ، قال له : مبروك حامل ، فذبح ابنته في اليوم الثاني ، و البنت بريئة ، ذُبحت لأن التحليل فيه خطأ ، آلاف القصص ، المخبر مسؤول يحاسب كقاتل .
طبيب بمصر أعطى وصفة دواء لطفل صغير ، و لأنه مستعجل أعطاه عياراً يعطى لإنسان كبير ، طبيب بمستوصف عام ، بعد أن كتب الوصفة لم يأخذ اسم الأب ، ولا اسم الابن ، وبعدما غادروا ـ يبدو أن الدواء فعال وله تأثير خطير ، والعيار الكبير يقتل الصغير ـ شعر هذا الطبيب بالمسؤولية ، توجه للتلفزيون وبلغهم أنه أنا بالمستوصف الفلاني، وصفت وصفة لطفل ، وإذا أخذ هذه الجرعة يموت فوراً ، بلغوا ، فعلاً قطعوا البرامج ، وبلغوا مصر كلها ، ومن فضل الله أن الأب وصل له الخبر ، إذاً ضحى هذا الطبيب بسمعته، لكنه أنقذ طفلاً ، هذا الشعور ، بكل حرفة يوجد مسؤولية .
أحياناً مادة غذائية غالية الثمن ، يضع لها مادة مسرطنة ، ليحفظ العلبة من الانتفاخ إن لم تباع ، و هذه المادة هي بنزوات الصوديوم ، مسموح بواحد بالألف فيضع ثلاثة بالألف ، لماذا ؟ حتى يضمن عدم فسادها إن لم تباع ، هذه مسؤولية كبيرة ، ليبيع الطحينة فاتحة ، وأغلى بعشر ليرات ، يضع اسبداج ، سيحاسب ، يحاسب حساباً عسيراً ، هؤلاء الناس في رقبة هذا الذي يصنع الغذاء ، هناك غذاء مسرطن ، مواد منتهية المفعول ، دواء مفعوله منته .
الدين شعور بالمسؤولية ، لو الناس تدينوا جميعاً نعيش حياة في منتهى السعادة ، كل واحد يعرف حدوده ، كل واحد يدخل في حساباته محاسبة الله له ، وهناك أخطاء في الصناعات الغذائية لا يعلمها إلا الله ، أخطاء فاحشة .
يجوز أن تستغربوا ، إذا باع الإنسان مئة فروج و كان عشرة منهم قد ماتوا قبل الذبح ، يأتي إنسان فقير يشتري هذا الفروج ، و هو بغاية السعادة أنه اشترى لأهله فروجاً ليأكلوا ، هو لا يعلم أن الفروج كان ميتاً قبل أن يذبح فحرام أكله ، ومعنى حرام أن فيه ضرر كبير ، أحياناً المخبز في الليل لا يوجد فيه اهتمام ، فالفران سيحاسب ، أي صانع غذاء سيحاسب .
طبعاً الضبط البشري جيد لكن لا يمكن أن يؤدي الهدف ، إذا عندك عشرة ملايين مواطن تحتاج إلى عشرة ملايين شرطي ، ويجلسون معهم أيضاً ، هذه مستحيلة ، فلابد من أن ننمي الشعور بالمسؤولية .
قال له : بعني هذه الشاة وخذ ثمنها ، قال له : ليست لي ، قال له : قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب ، قال له : ليست لي ، قال له : خذ ثمنها ، قال له : والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟!.
أحياناً تقع فأرة في تنكة الزيت عند السمان ، الزيت أصبح نجساً ، يمكن استعماله للصابون ، أما يباع على أنه زيت بلدي ؟ مستحيل ! .
هذا موضوع المسؤولية ، فلن تستقيم حياتنا إلا إذا أحسسنا بالمسؤولية ، الإنسان أحياناً يؤوي إلى فراشه ، يشعر أنه لم يوقع الأذى بأي إنسان ، يحاسب نفسه حساباً دقيقاً ، يتلف مادة مؤذية ، فينام مرتاح البال.
الآن يمكن أن يكون عند الصيدلي دواء انتهى مفعوله فيحك محل الصلاحية و يبيعه ، الدواء ثمنه ثلاثمئة ليرة ، هو حلّ مشكلته ، لكن عند الله وقع ، وقع وبدأ الحساب .
والله أنا من يومين سمعت خبراً ، شخص بإمكانه أن يصحح خطأه فلم يصححه ، نُصح ، استمرأ الانحراف ، وإيذاء الناس ، البارحة توقفت كليتاه عن العمل ، الآن دخل في سلسلة جديدة ، دخل بمتاهة ، دخل للشقاء في الدنيا .
تبني ثروتك على أنقاض الناس ؟ تبني عزك على إهانتهم ؟ تبني مالك على ابتزاز مالهم ؟ وتنسى أن هناك إله يحاسب ؟
أقول لكم : من هو الأحمق ؟ الأحمق الغبي الذي يتجاهل وجود الله ، يظن نفسه قوياً ، الأمر سهل عليه .
قال طبيب لآخر بالضبط : ـ هذه سمعتها من ثلاثة أيام ، يتفق طبيب مع مخبر ـ أول ثلاثة تحاليل لا تعملهم ، الأجرة مناصفة ، تبدأ من الرابع .
يأتي المريض لعند الطبيب ، فيقول الطبيب له : أنا لا أثق بهذا المخبر ، تذهب لعند فلان ، وعند فلان يوجد ثلاثة تحاليل خلبيات و الطبيب له النصف ، كل يوم عنده حساب دقيق ، بعثت لك التحليل الفلاني أين أجرته ؟ .
هذا نموذج ، و بالمهندسين هناك نموذج آخر ، و بالمدرسين نموذج ثالث ، مثلاً المدرس يأتي بأسئلة صعبة فيخلق مليون مشكلة بالبيوت ، يضع صفراً أو واحد ، الأب يضرب ابنه فتنشأ مشكلة ، حتى يؤمن لابنه دروساً خصوصية ، يعمل امتحاناً خلبياً غير معقول .
فهؤلاء الناس هكذا يعيشون ، لماذا هان الناس على الله ؟ لماذا هانت كرامتهم على الله ؟ لماذا هانت حياتهم على الله ؟ لماذا هناك ضائقة شديدة جداً ؟ لانعدام الإحساس بالمسؤولية ، فالإنسان إذا أدى عمله كاملاً ، وخاف من الله ، فله عند الله حساب خاص و إكرام خاص .
يجب أن تتعامل مع الله ، يجوز أن يكون القانون لطرفك ، مثلاً المستأجر قوي جداً ببلادنا بحسب القوانين ، و مالك البيت لا يستطيع شيئاً.
أعرف شخصاً ثماني سنوات بالمحاكم ، استطاع أن يؤمن محامياً قوياً جداً ، وانتزع البيت من امرأتين عوانس ، و البيت موردهما الوحيد ، انتزعه منهم ، واشتراه ، و وقع العقد ، بعد ثلاثين يوماً توفاه الله ، فلقي الله مغتصباً .
فوق الأرض يوجد قوانين ، لكن تحت الأرض لا يوجد قوانين ، يوجد شرع ، فأنت لا تستطيع أن تحتج بأي مادة قانونية في القبر ، تحتج بها في النهار ، وأنت على سطح الأرض ، أما تحت الأرض لا تحاسب إلا وفق الشرع ، الاغتصاب اغتصاب .
لذلك أخواننا الكرام ، هذا الحديث مهم جداً ؛ بدءاً من الطفل الصغير يجب أن يشعر أن هذه مشكلة ، تجد أحياناً شخصاً يجن ، ضغط ، ضغط ، ضغط ، يختل توازنه ، عنده أسرة ، تصور أسرة الأب في مستشفى الأمراض العقلية و لا يوجد أي دخل آخر لها فانحرف الابن .
أعرف شخصاً ظُلم ، فقد حريته ، فانحرف ابنه انحرافاً شديداً ، هذا الذي ظلمه ، وحرمه من حريته ، ومن بقائه مع أهله ، وانحرف ابنه ، انحرافه بصحيفة من ؟ عندما انحرف الابن أخلاقياً حرف معه مئة ، هذا الواحد سبب انحراف مئة لأن الأب كان غائباً ، والأب بوضع لم يؤدِ العقوبة بشكل عادل ، فنشأ مشكلة ، لو تتبعت مشاكل الناس لوجدت مليون مأساة سببها عدم الشعور بالمسؤولية .
موظف بالمالية ، ضع عليه هذه الضريبة ، مات بالجلطة فوراً ، من أسبوع شخص بلغوه بالضريبة المترتبة عليه فمات فوراً ، سبعة ملايين باع بيته ثمنه بسبعة ملايين ليدفع ما ترتب عليه .
أحياناً تنشأ مشكلات ، ترتكب جرائم ، بسبب شيء فيه قهر للإنسان ، من هو الملك ؟ الذي ينام في الليل على وسادته ، لم يسبب أي أذى لأي إنسان ، مبدئياً اترك الإحسان، الإحسان درجة ثانية ، قبل أن تحسن لا تسيء ، لأنك أنت ما جمعت مالك من حرام، ما جمعت مالك من غش ، ما غششت الناس ، و هذا أقل شيء .
يمكن أن تبيع خيطاً مستعملاً سابقاً ، هناك ألبسة كاسدة ببلاد أوربا تفرم وتغزل مرة ثانية ، هذا الخيط لا يوجد به قوة أبداً ، تلبس الجوارب ثلاث مرات فيتمزقون ، أخذ ثمنه ما يقدر بثمانين أو مئة ليرة على أساس أنه من الصوف ، موظف دخله محدود ، اشترى الزوج فكانت الخيوط مستعملة سابقاً ، لبسه فمزق ، هو ربح ، الذي عنده معمل ربح ، حقق ربحاً كبيراً ، إذاً هناك وسائل للغش لا يعلمها إلا الله .
الناس يظنون أنهم ينفذون من الله ، لا ينفذون ، الله عنده فشل كلوي ، عنده خثرة بالدماغ ، عنده سوء عمل دسام ، عند ألف عمل للذي يكسب ماله بالحرام .
أنا أعرف طالباً كان عندي من عشرين سنة ، قال لي : لي خال صاحب سينما بالأربعينات صار معه سرطان ، عندما دخلت عليه صار يبكي ، قال له : أنا جمعت خمسة ملايين ـ القصة بالستينات ـ حتى أتنعم بهم بحياتي ، فلم أفلح ، لأني جمعتهم على حساب أخلاق الشباب ، كلما كان الفيلم فيه مناظر مثيرة أكثر عليه رواج أكثر ، فكان همه أن تكون الصالة مليئة بالحفلة ، فجمع الثروة على حساب أخلاق الشباب ، الله عز وجل أخذه ، أخذه بأوج حياته .
أنا لا أقول لكم أن تنفقوا أموالكم ، قبل إنفاق المال ، قبل العمل الصالح ، قبل الدعوة إلى الله ، يجب ألا تكون سبباً بإيذاء إنسان ، لا بصحته ، ولا بكرامته ، ولا بحريته .
مثلاً في مخافر الشرطة هناك ظالم و مظلوم ، الظالم يرشي ، فالمظلوم فوق مشكلته يعاقب بشدة ، يقول : أعطانا خمسمئة ليرة ، و هو لا يعرف ما سيأتي أمامه ، هذا أمامه عقاب شديد .
عدل ساعة يعدل أن تعبد الله ثمانين عاماً .
إذاً : المفروض أن يكون الإنسان دقيقاً قبل أن يعمل أي عمل صالح ، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ، قبل أن تعمل عملاً صالحاً ، اضبط أمورك ، أتقن عملك ، كن أباً صالحاً ، لا تعطي شيئاً مؤذياً ، لا تبع بيعة غير صحيحة ، لا تتعامل بمادة غير جيدة.
والله هناك أخ من أخواننا أنا أكبره جداً ، عنده معمل لصناعة غذائية ، يقول لي : أتصور الأولاد كأنهم أولادي ، قال لي : والله أحسن زبدة ، أحسن فانيليا ، أحسن شوكولا ، لا نشتري إلا أحسن نوع ، لأن هذا الطفل أخذ من أبيه عشر ليرات كي يشتري بها، هل تطعمه مادة مؤذية ؟ هل تطعمه مادة منتهية المفعول ؟ هذا مسلم ، الذي عنده هذا الإحساس داخله لن يخسر أبداً ، قال لي : والله على حساباتنا لا نربح ، لأن المنافسين يضعون مواد سيئة جداً ، على الحسابات لا نربح ، لكن نربح ، والله يطرح البركة ، ونعطي .
فقط على الإنسان أن يحاسب نفسه ، قبل أن تعمل عملاً صالحاً ، يجب ألا يكون لك عمل سيء ، لأنك بسبب هذا العمل لا تنام الليل و قد آذيت إنساناً ، لا تنام و قد تسببت بمشكلة لإنسان ، لا تنام وقد أفسدت ، لأن هناك مليون عمل أساسه الفساد ، أحياناً ببضاعة كلها محرمة ، أساس البضاعة فيها فساد ، أجهزة كلها أجهزة فساد .
أنا أعرف سوقاً بأكمله كان يبيع الدولات ، أصبح يبيع الصحون ، طبعاً الصحون التي فوق الأسطح ، سوق بأكمله انقلب إلى بيع الصحون ، هذا أربح ، طبعاً أربح لكن فيه مسؤولية كبيرة .
فالقصد اليوم ألا تعمل عملاً فيه فساد ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ ، فالإمامُ رَاعٍ ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ والرجلُ رَاعٍ في أهله ، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها ، والخادم في مال سيده راع ، وهو مسؤول عن رَعِيَّتِهِ )) .
[ متفق عليه عن ابن عمر ] .
و الحمد لله رب العالمين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ ، فالإمامُ رَاعٍ ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ والرجلُ رَاعٍ في أهله ، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها ، والخادم في مال سيده راع ، وهو مسؤول عن رَعِيَّتِهِ )) .
[ متفق عليه عن ابن عمر] .
أيها الأخوة ، كلما نما الإيمان في القلب نما معه الشعور بالمسؤولية .
سيدنا عمر يقول : " والله لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها لِمَ لمْ تصلح لها الطريق يا عمر ؟".
فالمسؤولية ، أو الشعور بالمسؤولية أن الله سيسأله يتنامى مع الإيمان ، فكلما ضعف الإيمان ضعف مع ضعف الإيمان الشعور بالمسؤولية ، وكلما نما الإيمان بالقلب نما معه الشعور بالمسؤولية ، تبدأ من الأب ، الأب مسؤول عن أولاده ، الأبوة مسؤولية ، لو أن أباً ميسور الحال ، امتنع عن تزويج ابنه ، وسقط الابن في فاحشة الزنا ، فالأب مسؤول عنه، لو أن أباً أنجب بنتاً ، ولم يعرفها بربها ، ولم يحملها على طاعة ربها ، أهمل شأنها فتفلتت ، كل انحرافاتها في صحيفة أبيها ، وعلى هذا فقس .
( سورة يس ) .
أثر أي عمل إهمال في الصنعة ، نتج عنه حادث ، إنسان ركّب شيئاً على السطح ولم يحكم تركيبه ، وقع في أيام الرياح فقتل طفلين بتن وصبي ، مسؤول عن هذا العمل .
فالإنسان إذا عرف الله عز وجل ، وعرف أن الله سيحاسب استقام في حياته ، أنت في دار ابتلاء ، أنت في دار امتحان ، أنت مكلف ، الكون بأكمله مسخر لك ، مُنحت العقل ، مُنحت التشريع ، مُنحت الفطرة ، مُنحت الآيات الدالة ، فالآيات ، والعقل ، والفطرة ، والكون المسخر ، هذا كله من أجل أن تشعر بالمسؤولية ، فالأب مسؤول ، طبيب أهمل مسؤول ، مهندس أهمل البناء سقط مسؤول .
الإنسان إذا نما إيمانه ينمو مع إيمانه الشعور بالمسؤولية ، لا يوجد إنسان ليس له ولاية على أحد ، هل هناك أقل من خادم ؟ هذا الخادم أمين على مال سيده ، هل هنلك أقل من زوجة في البيت ؟ هي راعية لبيت زوجها وأولادها ، مسؤولة عن سلامة هذا البيت ، عن تربية الأولاد .
فالتفلت أساسه ضعف الإيمان .
الإنسان من طبعه الهروب من المسؤولية ، والآن أكثر الناس يلقون بأخطائهم على غيرهم ، يحاول أن يلقي خطأه على غيره ، وبعض المتدينين يلقي هذا على القضاء والقدر ، كل أخطائه و يقول : الله يريد هذا ، هذا ترتيب سيدك ، أخطاؤه ، ونتائج أخطائه الوبيلة يرميها على الله عز وجل ، ويتوهم أنه نجا ، لا لم ينجُ ، الإنسان مسؤول ، وكلمة مسؤول أحياناً الإنسان يترنم فيها ، أنا مسؤول كبير ، لو عرف معناها لوقع مغشياً عليه .
أنا معلم أحاسب عن صفي ، عن ثلاثين طالباً ، أما مدير المدرسة يحاسب عن سبع و عشرين شعبة ، فيجب أن تكون إدارته حازمة ، يتفقد شؤونه تماماً ، يرعى المدرسين، يتفقد أحوالهم ويتابعهم ، ويتابع الطلاب ، وغياب الطلاب ، أحياناً الطالب يغيب أسبوعين ، ينحرف أخلاقياً ، وعند أهله هو بالمدرسة ، إن لم يكن هناك متابعة مع الأهل المدير مسؤول، لأنه مدير هو محاسب عن سبع و عشرين شعبة .
أما مدير منطقة محاسب عن محافظة بأكملها ، أما وزير التربية محاسب عن التربية بالقطر في كل البلد .
كلما ارتفع مقامك اتسعت دائرة مسؤوليتك ، فالأب مسؤول عن كل أولاده ، أما الابن مسؤول فقط عما استُعمل ، كلفه بعمل ، يحاسب عليه .
لذلك سيدنا عمر بن عبد العزيز ، دخلت عليه زوجته ، رأته يبكي في مصلاه قالت له : مالك تبكي ؟ قال : دعيني وشأني ، قالت له : ما لك تبكي ؟ قال : دعيني وشأني ، في المرة الثالث ، قال : نظرت إلى الفقير البائس ، واليتيم ، والرجل المسكين ، والكبير ، وذي العيال الكثيرة ، وابن السبيل ، ذكر أكثر من عشرين صنفاً ، فعلمت أن الله سيحاسبني عنهم جميعاً ، وأن خصمي دونهم رسول الله ، فلهذا أبكي .
إذاً كلما تنامى الإيمان ، كلام سيدنا عمر ليس للتسلية ، يقول : " لو تعثرت بغلة في العراق ـ هو في المدينة ، أما العراق تحت ملكه ، ليس إنساناً بقي بلا طعام ، ليس إنساناً مظلوماً ، لا ـ لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها ، لِمَ لمْ تصلح لها الطريق يا عمر ؟" .
اجعل هذه المقولة مقياساً ، واعلم أن الله سيسأل كل راع عما استرعاه ، معلم ما درس ، طبيب ما اهتم ، كم إنسان يموت بالمستشفيات بقسم الإسعاف من تأخر الطبيب ؟ يمكن أن يسعفه ، يمكن أن يعطيه صدمة كهربائية ويعيش ، يقول لك : هذا انتهى أجله ، انظر ، الإيمان بالقضاء والقدر لا يلغي المسؤولية ، والدليل :
( سورة النور الآية :11 ) .
إذاً معنى الإفك خير .
( سورة النور ) .
الشيء حينما يقع هذا قضاء وقدر ، ولكل واقع حكمة ، أما أن يكون لكل واقع حكمة لا يعفي الذي سببه من المحاسبة ، طبيب أهمل المريض فمات ، هذا لا يعفيه من المسؤولية ، انتهى أجله ، هذا أجله ليس له علاقة ، لكن كان من الممكن أن يعيش لو أسعفه .
فالإنسان إذا فكر ، أحياناً مهندس لا يحضر صب السقف ، العمال جهلة ، يمشون العجلات على الحديد ، يأخذ موقعاً آخر غير موقعه ، يكون موقعه بالأعلى فيصبح بالأسفل ، فتختلف وظيفته ، عندك حديد للشد ، وحديد للحمل ، اختلفت وظيفته ، وقعت الشرف ، ذهب ضحيتها خمس فتيات ، مسؤول ، بناء سقط ، مريض مات ، طفل انحرق ، كثير من الحالات سببها عدم الشعور بالمسؤولية .
بدءاً من البيت ، أب مهمل ، أم مهملة ، حتى في الأمور المادية ، أي صناعة غير متقنة أحياناً تسبب الموت ، أحياناً يكون هناك أسطوانات غاز غير متقنة ، هناك إهمال أثناء التعبئة ، لا يوجد إتقان في العمل فيتسرب الغاز فيُحدث انفجاراً ، تمديد الكهرباء فيه مسؤولية أيضاً ، مثلاً هناك وصلة داخلية ضمن التيب غير متقنة ، يحدث احتكاك فيعمل حريقاً ، إذا عليك أن تحاسب نفسك أن كل شيء تفعله تحاسب عليه ، هذا الحديث شامل ، حديث واسع جداً ، أنت لك هوية ، ولك موقع ، هويتك طالب ، محاسب ، هويتك أب ، الهوية أم ، الهوية معلم ، الهوية تاجر ، الهوية يعمل في خدمات معينة ، مثلاً القصة وقعت في الشام: إنسان شكّ بسلوك ابنته ، توهم أنها حاملة من الزنا ، لا يوجد عنده حل إلا أن يعمل لها تحليلاً ، فذهب إلى المخبر لإجراء تحليل لها ، و في المخبر وقعت الزجاجة من يد موظف العينة وانكسرت ، خاف من معلمه ، فكتب : النتيجة إيجابية ، أي يوجد حمل ، جاء الأب ثاني يوم ، قال له : مبروك حامل ، فذبح ابنته في اليوم الثاني ، و البنت بريئة ، ذُبحت لأن التحليل فيه خطأ ، آلاف القصص ، المخبر مسؤول يحاسب كقاتل .
طبيب بمصر أعطى وصفة دواء لطفل صغير ، و لأنه مستعجل أعطاه عياراً يعطى لإنسان كبير ، طبيب بمستوصف عام ، بعد أن كتب الوصفة لم يأخذ اسم الأب ، ولا اسم الابن ، وبعدما غادروا ـ يبدو أن الدواء فعال وله تأثير خطير ، والعيار الكبير يقتل الصغير ـ شعر هذا الطبيب بالمسؤولية ، توجه للتلفزيون وبلغهم أنه أنا بالمستوصف الفلاني، وصفت وصفة لطفل ، وإذا أخذ هذه الجرعة يموت فوراً ، بلغوا ، فعلاً قطعوا البرامج ، وبلغوا مصر كلها ، ومن فضل الله أن الأب وصل له الخبر ، إذاً ضحى هذا الطبيب بسمعته، لكنه أنقذ طفلاً ، هذا الشعور ، بكل حرفة يوجد مسؤولية .
أحياناً مادة غذائية غالية الثمن ، يضع لها مادة مسرطنة ، ليحفظ العلبة من الانتفاخ إن لم تباع ، و هذه المادة هي بنزوات الصوديوم ، مسموح بواحد بالألف فيضع ثلاثة بالألف ، لماذا ؟ حتى يضمن عدم فسادها إن لم تباع ، هذه مسؤولية كبيرة ، ليبيع الطحينة فاتحة ، وأغلى بعشر ليرات ، يضع اسبداج ، سيحاسب ، يحاسب حساباً عسيراً ، هؤلاء الناس في رقبة هذا الذي يصنع الغذاء ، هناك غذاء مسرطن ، مواد منتهية المفعول ، دواء مفعوله منته .
الدين شعور بالمسؤولية ، لو الناس تدينوا جميعاً نعيش حياة في منتهى السعادة ، كل واحد يعرف حدوده ، كل واحد يدخل في حساباته محاسبة الله له ، وهناك أخطاء في الصناعات الغذائية لا يعلمها إلا الله ، أخطاء فاحشة .
يجوز أن تستغربوا ، إذا باع الإنسان مئة فروج و كان عشرة منهم قد ماتوا قبل الذبح ، يأتي إنسان فقير يشتري هذا الفروج ، و هو بغاية السعادة أنه اشترى لأهله فروجاً ليأكلوا ، هو لا يعلم أن الفروج كان ميتاً قبل أن يذبح فحرام أكله ، ومعنى حرام أن فيه ضرر كبير ، أحياناً المخبز في الليل لا يوجد فيه اهتمام ، فالفران سيحاسب ، أي صانع غذاء سيحاسب .
طبعاً الضبط البشري جيد لكن لا يمكن أن يؤدي الهدف ، إذا عندك عشرة ملايين مواطن تحتاج إلى عشرة ملايين شرطي ، ويجلسون معهم أيضاً ، هذه مستحيلة ، فلابد من أن ننمي الشعور بالمسؤولية .
قال له : بعني هذه الشاة وخذ ثمنها ، قال له : ليست لي ، قال له : قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب ، قال له : ليست لي ، قال له : خذ ثمنها ، قال له : والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟!.
أحياناً تقع فأرة في تنكة الزيت عند السمان ، الزيت أصبح نجساً ، يمكن استعماله للصابون ، أما يباع على أنه زيت بلدي ؟ مستحيل ! .
هذا موضوع المسؤولية ، فلن تستقيم حياتنا إلا إذا أحسسنا بالمسؤولية ، الإنسان أحياناً يؤوي إلى فراشه ، يشعر أنه لم يوقع الأذى بأي إنسان ، يحاسب نفسه حساباً دقيقاً ، يتلف مادة مؤذية ، فينام مرتاح البال.
الآن يمكن أن يكون عند الصيدلي دواء انتهى مفعوله فيحك محل الصلاحية و يبيعه ، الدواء ثمنه ثلاثمئة ليرة ، هو حلّ مشكلته ، لكن عند الله وقع ، وقع وبدأ الحساب .
والله أنا من يومين سمعت خبراً ، شخص بإمكانه أن يصحح خطأه فلم يصححه ، نُصح ، استمرأ الانحراف ، وإيذاء الناس ، البارحة توقفت كليتاه عن العمل ، الآن دخل في سلسلة جديدة ، دخل بمتاهة ، دخل للشقاء في الدنيا .
تبني ثروتك على أنقاض الناس ؟ تبني عزك على إهانتهم ؟ تبني مالك على ابتزاز مالهم ؟ وتنسى أن هناك إله يحاسب ؟
أقول لكم : من هو الأحمق ؟ الأحمق الغبي الذي يتجاهل وجود الله ، يظن نفسه قوياً ، الأمر سهل عليه .
قال طبيب لآخر بالضبط : ـ هذه سمعتها من ثلاثة أيام ، يتفق طبيب مع مخبر ـ أول ثلاثة تحاليل لا تعملهم ، الأجرة مناصفة ، تبدأ من الرابع .
يأتي المريض لعند الطبيب ، فيقول الطبيب له : أنا لا أثق بهذا المخبر ، تذهب لعند فلان ، وعند فلان يوجد ثلاثة تحاليل خلبيات و الطبيب له النصف ، كل يوم عنده حساب دقيق ، بعثت لك التحليل الفلاني أين أجرته ؟ .
هذا نموذج ، و بالمهندسين هناك نموذج آخر ، و بالمدرسين نموذج ثالث ، مثلاً المدرس يأتي بأسئلة صعبة فيخلق مليون مشكلة بالبيوت ، يضع صفراً أو واحد ، الأب يضرب ابنه فتنشأ مشكلة ، حتى يؤمن لابنه دروساً خصوصية ، يعمل امتحاناً خلبياً غير معقول .
فهؤلاء الناس هكذا يعيشون ، لماذا هان الناس على الله ؟ لماذا هانت كرامتهم على الله ؟ لماذا هانت حياتهم على الله ؟ لماذا هناك ضائقة شديدة جداً ؟ لانعدام الإحساس بالمسؤولية ، فالإنسان إذا أدى عمله كاملاً ، وخاف من الله ، فله عند الله حساب خاص و إكرام خاص .
يجب أن تتعامل مع الله ، يجوز أن يكون القانون لطرفك ، مثلاً المستأجر قوي جداً ببلادنا بحسب القوانين ، و مالك البيت لا يستطيع شيئاً.
أعرف شخصاً ثماني سنوات بالمحاكم ، استطاع أن يؤمن محامياً قوياً جداً ، وانتزع البيت من امرأتين عوانس ، و البيت موردهما الوحيد ، انتزعه منهم ، واشتراه ، و وقع العقد ، بعد ثلاثين يوماً توفاه الله ، فلقي الله مغتصباً .
فوق الأرض يوجد قوانين ، لكن تحت الأرض لا يوجد قوانين ، يوجد شرع ، فأنت لا تستطيع أن تحتج بأي مادة قانونية في القبر ، تحتج بها في النهار ، وأنت على سطح الأرض ، أما تحت الأرض لا تحاسب إلا وفق الشرع ، الاغتصاب اغتصاب .
لذلك أخواننا الكرام ، هذا الحديث مهم جداً ؛ بدءاً من الطفل الصغير يجب أن يشعر أن هذه مشكلة ، تجد أحياناً شخصاً يجن ، ضغط ، ضغط ، ضغط ، يختل توازنه ، عنده أسرة ، تصور أسرة الأب في مستشفى الأمراض العقلية و لا يوجد أي دخل آخر لها فانحرف الابن .
أعرف شخصاً ظُلم ، فقد حريته ، فانحرف ابنه انحرافاً شديداً ، هذا الذي ظلمه ، وحرمه من حريته ، ومن بقائه مع أهله ، وانحرف ابنه ، انحرافه بصحيفة من ؟ عندما انحرف الابن أخلاقياً حرف معه مئة ، هذا الواحد سبب انحراف مئة لأن الأب كان غائباً ، والأب بوضع لم يؤدِ العقوبة بشكل عادل ، فنشأ مشكلة ، لو تتبعت مشاكل الناس لوجدت مليون مأساة سببها عدم الشعور بالمسؤولية .
موظف بالمالية ، ضع عليه هذه الضريبة ، مات بالجلطة فوراً ، من أسبوع شخص بلغوه بالضريبة المترتبة عليه فمات فوراً ، سبعة ملايين باع بيته ثمنه بسبعة ملايين ليدفع ما ترتب عليه .
أحياناً تنشأ مشكلات ، ترتكب جرائم ، بسبب شيء فيه قهر للإنسان ، من هو الملك ؟ الذي ينام في الليل على وسادته ، لم يسبب أي أذى لأي إنسان ، مبدئياً اترك الإحسان، الإحسان درجة ثانية ، قبل أن تحسن لا تسيء ، لأنك أنت ما جمعت مالك من حرام، ما جمعت مالك من غش ، ما غششت الناس ، و هذا أقل شيء .
يمكن أن تبيع خيطاً مستعملاً سابقاً ، هناك ألبسة كاسدة ببلاد أوربا تفرم وتغزل مرة ثانية ، هذا الخيط لا يوجد به قوة أبداً ، تلبس الجوارب ثلاث مرات فيتمزقون ، أخذ ثمنه ما يقدر بثمانين أو مئة ليرة على أساس أنه من الصوف ، موظف دخله محدود ، اشترى الزوج فكانت الخيوط مستعملة سابقاً ، لبسه فمزق ، هو ربح ، الذي عنده معمل ربح ، حقق ربحاً كبيراً ، إذاً هناك وسائل للغش لا يعلمها إلا الله .
الناس يظنون أنهم ينفذون من الله ، لا ينفذون ، الله عنده فشل كلوي ، عنده خثرة بالدماغ ، عنده سوء عمل دسام ، عند ألف عمل للذي يكسب ماله بالحرام .
أنا أعرف طالباً كان عندي من عشرين سنة ، قال لي : لي خال صاحب سينما بالأربعينات صار معه سرطان ، عندما دخلت عليه صار يبكي ، قال له : أنا جمعت خمسة ملايين ـ القصة بالستينات ـ حتى أتنعم بهم بحياتي ، فلم أفلح ، لأني جمعتهم على حساب أخلاق الشباب ، كلما كان الفيلم فيه مناظر مثيرة أكثر عليه رواج أكثر ، فكان همه أن تكون الصالة مليئة بالحفلة ، فجمع الثروة على حساب أخلاق الشباب ، الله عز وجل أخذه ، أخذه بأوج حياته .
أنا لا أقول لكم أن تنفقوا أموالكم ، قبل إنفاق المال ، قبل العمل الصالح ، قبل الدعوة إلى الله ، يجب ألا تكون سبباً بإيذاء إنسان ، لا بصحته ، ولا بكرامته ، ولا بحريته .
مثلاً في مخافر الشرطة هناك ظالم و مظلوم ، الظالم يرشي ، فالمظلوم فوق مشكلته يعاقب بشدة ، يقول : أعطانا خمسمئة ليرة ، و هو لا يعرف ما سيأتي أمامه ، هذا أمامه عقاب شديد .
عدل ساعة يعدل أن تعبد الله ثمانين عاماً .
إذاً : المفروض أن يكون الإنسان دقيقاً قبل أن يعمل أي عمل صالح ، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ، قبل أن تعمل عملاً صالحاً ، اضبط أمورك ، أتقن عملك ، كن أباً صالحاً ، لا تعطي شيئاً مؤذياً ، لا تبع بيعة غير صحيحة ، لا تتعامل بمادة غير جيدة.
والله هناك أخ من أخواننا أنا أكبره جداً ، عنده معمل لصناعة غذائية ، يقول لي : أتصور الأولاد كأنهم أولادي ، قال لي : والله أحسن زبدة ، أحسن فانيليا ، أحسن شوكولا ، لا نشتري إلا أحسن نوع ، لأن هذا الطفل أخذ من أبيه عشر ليرات كي يشتري بها، هل تطعمه مادة مؤذية ؟ هل تطعمه مادة منتهية المفعول ؟ هذا مسلم ، الذي عنده هذا الإحساس داخله لن يخسر أبداً ، قال لي : والله على حساباتنا لا نربح ، لأن المنافسين يضعون مواد سيئة جداً ، على الحسابات لا نربح ، لكن نربح ، والله يطرح البركة ، ونعطي .
فقط على الإنسان أن يحاسب نفسه ، قبل أن تعمل عملاً صالحاً ، يجب ألا يكون لك عمل سيء ، لأنك بسبب هذا العمل لا تنام الليل و قد آذيت إنساناً ، لا تنام و قد تسببت بمشكلة لإنسان ، لا تنام وقد أفسدت ، لأن هناك مليون عمل أساسه الفساد ، أحياناً ببضاعة كلها محرمة ، أساس البضاعة فيها فساد ، أجهزة كلها أجهزة فساد .
أنا أعرف سوقاً بأكمله كان يبيع الدولات ، أصبح يبيع الصحون ، طبعاً الصحون التي فوق الأسطح ، سوق بأكمله انقلب إلى بيع الصحون ، هذا أربح ، طبعاً أربح لكن فيه مسؤولية كبيرة .
فالقصد اليوم ألا تعمل عملاً فيه فساد ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ ، فالإمامُ رَاعٍ ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ والرجلُ رَاعٍ في أهله ، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها ، والخادم في مال سيده راع ، وهو مسؤول عن رَعِيَّتِهِ )) .
[ متفق عليه عن ابن عمر ] .
و الحمد لله رب العالمين
about ... me- رئيس المنتدى
- عدد المساهمات : 123
نقاط : 1006855
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
العمر : 34
مواضيع مماثلة
» أهمية القلب في الإيمان والعقيدة
» السيرة النبويَّة : شمائل الرسول صلى الله عليه وسلَّم . أهمية دراسة السيرة وحكمتها في الإسلام .
» السيرة النبويَّة : شمائل الرسول صلى الله عليه وسلَّم . أهمية دراسة السيرة وحكمتها في الإسلام .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى